الدكتور لؤي الزعبي – أستاذ الهندسة الطبية الحيوية في جامعة ماونت يونيون، الولايات المتحدة الأمريكية
يبدو أن أنسجة الألبسة المولدة للمجالات الكهربائية و المعتمد بالفعل للعناية بالجروح تزعزع إستقرار جزيئات الفيروس التاجي (فيروس كورونا) مما يؤدي إلى عدم قدرة الفيروس على إصابة الخلايا و الإنتشار
تساعد أقنعة الوجه على الحد من إنتشار فيروس كوفيد 19ويوصى بها حاليًا من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم
برهن المهندسون في جامعة إنديانا مؤخرا ولأول مرة على أن أنسجة الألبسة الذكية التي تولد مجالًا كهربائيًا ضعيفًا يمكن لها أن تعطل الفيروسات التاجية (فيروسات كورونا). من أنواع الأنسجة الذكية المغزولة نوع يستخدم كوسيلة علاجية تعمل على التأثير على شبكة الأعصاب في الدماغ. أسلوب عمل هذه الأنسجة مبني على بناء شبكة عصبية صناعية تلامس الأعصاب في الدماغ (تتكامل معها) ومن ثم إيصال نبضات كهربائية للأعصاب المتصلة بها. يتم إنتاج النبضات الكهربائية من خلال مولد صغير يتم زراعته داخل الجسم. يمكن إستخدام هذه الأنسجة الكهروذكية والمذكورة في صناعة أقنعة الوجه الواقية ومعدات الحماية الشخصية الأخرى
تم إختبار هذه التقنية و الأنسجة (الكهروذكية) بنجاح ضد أحد الفيروسات التاجية التي تصيب الجهاز التنفسي للخنزير و ضد فيروس تاجي بشري يسبب نزلات برد عادية. لم يتم إختبار هذه الأنسجة أو هذه التقنية بعد ضد فيروس السارس (كوفيد 2) أو على الفيروس الذي يسبب كوفيد 19
أشار عدد من الباحثين بأن هذ العمل يهم المجتمع العلمي ؛ و أنه سيفتح مجالات للبحث جديدة لتوفير حلول ذكية للتغلب على جائحة كوفيد 19. لكن سيتطلب المفهوم المزيد من التطوير قبل تطبيقه على معدات الوقاية الشخصية المعتادة. يقول الباحثون بأنها بداية ممتازة في هذا الاتجاه
عدا الأقنعة، تطرح النتائج إمكانية إستخدام الحقول الكهربائية الضعيفة للحد من إنتشار الفيروسات بطرق عديدة. على سبيل المثال تنقية الهواء في الأماكن العامة أو تطهير أسطح غرف العمليات في المستشفيات، كما يقول مؤلف الدراسة “تشاندان سين” مدير مركز إنديانا للطب التجديدي والهندسة في كلية الطب بجامعة إنديانا. ويقول: “إن الفيروس التاجي ليس الفيروس الأول أو الأخير الذي سيعطل حياتنا، نحن نفكر في أساليب وتطبيقات أكبر وأوسع لإستخدام المجالات الكهربائية الضعيفة ضد العدوى بالفيروس”
يعمل مختبر سين على تطوير تقنية الأنسجة الكهروذكية تحت الإسم الخاص V.Dox Technology ، مع شركة Vomaris التي يقع مقرها في أريزونا على منذ ست سنوات. يجدر التنويه إلى أن سين يحتفظ بحصة مالية في الشركة وشريك بها
تصنع هذه الأنسجة الكهروذكية من خلال طباعة مجموعة من نقاط معدنية (فضة و زنك) بنمط معين (مصفوفة هندسية) على مادة نسيج ألبسة مثل البوليستر أو القطن. تشكل النقاط بطارية تولد مجالًا كهربائيًا ضعيفًا: عند التعرض لوسط موصل للتيار الكهربائي، مثل الجل (مادة هلامية) أو العرق تنتقل الإلكترونات من الزنك إلى الفضة من خلال تفاعل كيميائي تلقائي، مما يولد فرقًا في الجهد الكهربائي يبلغ نصف فولت. تم إيجاز هذه التقنية من قِبل إدارة الأغذية والعقاقير في الولايات المتحدة الأمريكية (FDA) وتسويقها للعناية بالجروح، حيث ثبت أنها تعالج الإلتهابات البكتيرية التي تنتج تنتشر عادة على سطح المواد المستخدمة في تغطية الجروح والتقرحات
حتى يتم إستخدام هذه الأنسجة الكهروذكية في صناعة الأقنعة الطبية الواقية، يجب ترطيبها بطريقة ما ليتسنى إيجاد فرق الجهد الكهربائي المطلوب. وفقًا لفريق البحث والتطوير، يمكن تضمين هيدروجيل (مادة هلامية رقيقة) بحيث يقوم بتنشيط النقاط المعدنية أو إدخال أنابيب دقيقة مملوءة بالسائل على محيط القناع. الرطوبة من هواء الزفير ستستمر في الحفاظ على القماش الكهروذكي رطبًا
عندما بدأ جائحة كوفيد 19، بدأ سين وفريقه البحثي يتساءلون عما إذا كانت تكنولوجيا الأنسجة الكهروذكية يمكن لها أن تؤثر على الفيروسات كما أثرت على البكتيريا. نتائج الأبحاث العلمية المنشورة سابقا تشير إلى أن الفيروسات التاجية (فيروسات كورونا والتي ينتمي إليها كوفيد 19) تعتمد على القوى الكهروستاتيكية (الكهرباء الساكنة) للإلتصاق بالخلايا التي تنوي إصابتها وفي عملية تجميع وتشكيل سلسلتها الوراثية (الجينوم)، وكان سين يأمل أن يؤدي المجال الكهربائي إلى تعطيل هذه القوى وبالتالي قتل الفيروس
بالتعاون مع عالم الوراثة من جامعة إنديانا “كينيث كورنيتا”، الذي أجرى بعض التجارب الأولية لهذه التقنية على الفيروسات في مختبره، عرض فريق البحث نسيج فيروس تاجي تنفسي يصيب الخنزير لنسيج كهروذكي لمدة زمنية تتراوح ما بين دقيقة واحدة وخمس دقائق. بعد دقيقة واحدة، وجدوا دليلاً على أنه قد تم زعزعة إستقرار الفيروسات وبدأت في تغيير شكلها الخارجي والتكور على نفسها، وأصبحت أكبر مما كانت عليه قبل التعرض للنسيج الكهروذكي. يشير المؤلفان إلى أن هذا الملاحظات تشير إلى أن المجال الكهربائي الضعيف كان يسبب “تغيرات هيكلية ضارة للفيريوسات”، حيث يوحي تغيير الشكل الخارجي والتكور إلى دخول الفيروس مرحلة موت وتدمير داخلي ممنهج
بعد ذلك ، قام الفريق باختبار بزراعة الفيروسات التي تم تعريضها للنسيج الكهروذكي مع خلايا سليمة في طبق زراعة الخلايا. يقول سين: “لقد اختفت وتلاشت قدرة الفيروس على مهاجمة الخلايا ونقل العدوى”
ويضيف سين أنه منذ نشر نتائج الإختبارات الأولية، قام الفريق أيضًا بإختبار النسيج ضد أحد الفيروسات التاجية التي تصيب البشر والمؤدية إلى التهابات الجهاز التنفسي العلوي (ليس كوفيد 19)، وحصل على نتائج مماثلة
قدم الفريق البيانات إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أمل الحصول على إذن إستخدام مستعجل (طارئ) لاستخدام النسيج الكهروذكي في أقنعة الوجه
تبيع Vomaris حاليًا مجموعات تضميد الجروح مقابل ما بين 38 دولارًا و 69 دولارًا عبر الإنترنت. يقول سين أن التكنولوجيا غير مكلفة في التصنيع ويمكن إستخدامها في معدات الوقاية الشخصية بتكلفة متواضعة
المراجع
https://spectrum.ieee.org/the-human-os/biomedical/devices/using-weak-electric-fields-to-make-viruskilling-face-masks
إفصاحات
لا يوجد لكاتب المقال (الدكتور لؤي الزعبي) أي مصالح مالية مع الأشخاص المذكورين في المقال، ولا مصالح مالية مع أي من الشركات المذكورة. أيضا لم يتم تعويض كاتب المقال أو الدفع المالي له لقاء كتابة هذا المقال. هذا المقال جهد شخصي لكاتب المقال لنشر الوعي والمعرفة العلمية ولإثراء المحتوى العربي الهادف والمفيد على الإنترنت